بعد تقديم جميع الأحزاب تصوراتها للملك بخصوص الحكم الذاتي.. المغرب يسارع تحركاته الدولية لتثبيت الدعم للمقترح قبل التوجه إلى الأمم المتحدة

 بعد تقديم جميع الأحزاب تصوراتها للملك بخصوص الحكم الذاتي.. المغرب يسارع تحركاته الدولية لتثبيت الدعم للمقترح قبل التوجه إلى الأمم المتحدة
الصحيفة – محمد سعيد أرباط
الأحد 7 دجنبر 2025 - 17:31

في سياق سياسي ودبلوماسي متسارع، بدأ ملف الصحراء يدخل مرحلة حاسمة بعدما استكملت الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان إعداد وتقديم تصوراتها المتعلقة بمقترح الحكم الذاتي الذي تعتزم المملكة اعتماده كمرجعية نهائية للحل السياسي لإقليم الصحراء.

وتأتي هذه الخطوة في لحظة يتزامن فيها المسار الداخلي المرتبط بصياغة النموذج التفصيلي للحكم الذاتي، مع مسار خارجي نشيط تقوده الرباط مؤخرا من أجل تثبيت المكاسب الدبلوماسية التي راكمتها خلال السنوات الأخيرة بشأن الحكم الذاتي، وخاصة بعد اعتماد مجلس الأمن القرار الأممي رقم 2797.

ويبدو أن المغرب يتحرك وفق مقاربة مزدوجة تجمع "داخليا" عبر إشراك الأحزاب في بلورة التصور النهائي، و"خارجيا" عبر تعزيز شبكة الدعم الدولي في أوروبا والخليج وأمريكا، تمهيدا لمرحلة التوجه الرسمي إلى الأمم المتحدة بالصيغة المفصلة للمقترح.

توصل الملك محمد السادس، خلال الأيام الماضية، بمذكرات رسمية صادرة عن مختلف الأحزاب السياسية المغربية الممثلة في البرلمان، تتضمن تصوراتها بشأن كيفية تنزيل مقترح الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، من حيث البناء المؤسساتي، وتوزيع الاختصاصات، والضمانات السياسية والقانونية.

وبينما أعلنت بعض الأحزاب بشكل رسمي عن تقديم مذكراتها، وعلى رأسها حزب التقدم والاشتراكية، وحزب الاستقلال، وحزب الحركة الشعبية، فضّلت أحزاب أخرى التعامل بمنسوب عال من التحفظ والتكتم، دون إصدار بلاغات أو توضيحات حول مضمون الوثائق التي رفعتها إلى المؤسسة الملكية.

ورغم هذا الزخم الحزبي، لم يكشف أي حزب عن التفاصيل الجوهرية أو المخارج النهائية لتصوره الخاص بمشروع الحكم الذاتي، في ما يبدو أنه انسجام مع الطابع السيادي والحساس لهذا الملف، والحرص على ترك هامش المناورة للمؤسسة الملكية في إدارة المرحلة المقبلة، وفق قراء العديد من المهتمين بملف الحكم الذاتي.

بالتوازي مع انكباب الرباط على تفصيل مشروع الحكم الذاتي داخليا، تشهد الساحة الدولية تحركات "مغربية" مكثفة تهدف إلى تثبيت وتوسيع دائرة الدعم للمقترح المغربي، خاصة في أوروبا والخليج، في سياق يهدف إلى تحصين المبادرة قبل طرحها بصيغتها النهائية أمام الأمم المتحدة.

وفي هذا السياق، جدّدت بلجيكا موقفها الداعم لمبادرة الحكم الذاتي، حيث أعلن نائب الوزير الأول ووزير الخارجية البلجيكي، ماكسيم بريفو، خلال الأيام القليلة الماضية أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، التزام بروكسيل بتفعيل موقفها الجديد عبر خطوات دبلوماسية واقتصادية تشمل الأقاليم الجنوبية، من خلال تقديم الخدمات القنصلية دون تمييز جهوي، والتحضير لزيارة مرتقبة لسفير بلاده إلى الصحراء، إضافة إلى برمجة منتديات اقتصادية وزيارات حكومية رفيعة المستوى، مؤكدا أن مبادرة الحكم الذاتي تمثل "الحل الأكثر جدية ومصداقية وواقعية".

كما جدّد مجلس التعاون الخليجي، خلال دورته السادسة والأربعين المنعقدة بالمنامة، يوم الخميس الماضي، تأكيده الصريح على مغربية الصحراء، مرحبا بقرار مجلس الأمن رقم 2797، وواصفا المبادرة المغربية للحكم الذاتي بأنها إطار واقعي وقابل للتطبيق لتسوية النزاع، في موقف يعكس استمرار الإجماع الخليجي حول دعم الوحدة الترابية للمملكة.

وعلى المستوى الأوروبي أيضا، جددت إسبانيا موقفها الداعم للحكم الذاتي خلال الاجتماع الرفيع المستوى الثالث عشر بين الرباط ومدريد، مشيدة بالقرار الأممي الأخير، ومؤكدة انسجام موقفها مع خريطة الطريق التي انطلقت منذ الإعلان المشترك لسنة 2022، وهو ما عززته كذلك هولندا التي أعلنت من لاهاي أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر واقعية لإنهاء النزاع، في إعلان مشترك وقّعه ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي.

تعمل الرباط حاليا على دراسة معمقة لمذكرات الأحزاب السياسية، في أفق تجميع مختلف المقترحات داخل تصور موحد، يُنتظر أن يشكل الأرضية النهائية للصيغة المغربية التي سيتم رفعها إلى الأمم المتحدة خلال الأشهر المقبلة.

وتشير تقديرات خبراء ومتابعين للملف، سبق أن تحدثوا لـ"الصحيفة"، إلى أن المغرب لن يكتفي بالمقاربات الحزبية الداخلية، بل يدرس أيضا عددا من التجارب الدولية المقارنة في مجال الحكم الذاتي والإدارة الذاتية، مع تنسيق سياسي ودبلوماسي وثيق مع حلفاء رئيسيين، على رأسهم الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا.

وفي هذا السياق، حلّ السفير الأمريكي الجديد بالمغرب، ريتشارد ديوك بوكان الثالث، بالرباط، حيث استقبله وزير الخارجية ناصر بوريطة في 2 دجنبر الجاري بعد أقل من 24 ساعة على وصوله للبلاد لتقديم نسخ أوراق اعتماده، في خطوة تعكس الرغبة المشتركة في تسريع وتيرة التنسيق، خاصة في ملف الصحراء، والذي كانت الولايات المتحدة "حاملة القلم" في صياغة القرار الأممي 2797.

ويُنظر إلى هذا التطور باعتباره مؤشرا على مرحلة جديدة من التنسيق المغربي-الأمريكي، خصوصا أن السفير الأمريكي أكد سابقا أمام مجلس الشيوخ أن الحكم الذاتي المغربي هو الحل الوحيد الجاد والواقعي، كما تتقاطع هذه الدينامية مع استعداد الرباط لتقديم الصيغة المفصلة لمخطط الحكم الذاتي، في وقت تعمل فيه على توسيع دائرة الدول الداعمة، قبل التوجه إلى الأمم المتحدة.

ما يجب قوله للإسبان في مدريد؟

في الوقت الذي تعقد فيه الحكومة الإسبانية ونظيرتها المغربية، اليوم الخميس، بمدريد الدورة الثالثة عشرة من الاجتماع الرفيع المستوى، مع ما يعكس ذلك من تطور كبير في العلاقات الثنائية بين ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...